{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعين} النظرة الخائنة كالنظرة الثانية إلى غير المحرم واستراق النظر إليه، أو خيانة الأعين. {وَمَا تُخْفِى الصدور} من الضمائر والجملة خبر خامس للدلالة على أنه ما من خفي إلا وهو متعلق العلم والجزاء {والله يَقْضِى بالحق} لأنه المالك الحاكم على الإطلاق قلا يقضي بشيء إلا وهو حقه {والذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَئ} تهكم بهم لأن الجماد لا يقال فيه إنه يقضي أو لا يقضي. وقرأ نافع وهشام بالتاء على الالتفات أو إضمار قل {إِنَّ الله هُوَ السميع البصير} تقرير لعلمه ب {خَائِنَةَ الأعين} وقضائه بالحق ووعيد لهم على ما يقولون ويفعلون، وتعريض بحال ما {يَدْعُونَ مِن دُونِهِ}.{أَوَ لَمْ يَسِيروُاْ فِى الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ} مآل حال الذين كذبوا الرسل قبلهم كعاد وثمود. {كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} قدرة وتمكناً، وإنما جيء بالفصل وحقه أن يقع بين معرفتين لمضارعة أفعل من للمعرفة في امتناع دخول اللام عليه. وقرأ ابن عامر {أشد منكم} بالكاف. {وَءَاثَاراً فِى الأَرْضِ} مثل القلاع والمدائن الحصينة. وقيل المعنى وأكثر آثاراً كقوله: متقلداً سيفاً ورمحاً {فَأَخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ الله مِن وَاقٍ} يمنع العذاب عنهم.{ذلك} الأخذ. {بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات} بالمعجزات أو الأحكام الواضحة. {فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ الله إِنَّهُ قَوِىٌّ} متمكن مما يريده غاية التمكن. {شَدِيدُ العقاب} لا يؤبه بعقاب دون عقابه.{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بئاياتنا} يعني المعجزات. {وسلطان مُّبِينٍ} وحجة قاهرة ظاهرة، والعطف لتغاير الوصفين أو لإِفراد بعض المعجزات كالعصا تفخيماً لشأنه.{إلى فِرْعَوْنَ وهامان وَقَارُونَ فَقَالُواْ ساحر كَذَّابٌ} يعنون موسى عليه الصلاة والسلام، وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان لعاقبة من هو أشد الذين كانوا من قبلهم بطشاً وأقربهم زماناً.{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بالحق مِنْ عِندِنَا قَالُواْ اقتلوا أَبْنَاءَ الذين ءَامَنُواْ مَعَهُ واستحيوا نِسَاءَهُمْ} أي أعيدوا عليهم ما كنتم تفعلون بهم أولاً كي يصدوا عن مظاهرة موسى عليه السلام. {وَمَا كَيْدُ الكافرين إِلاَّ فِى ضلال} في ضياع، ووضع الظاهر فيه موضع الضمير لتعميم الحكم والدلالة على العلة.{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ موسى} كانوا يكفونه عن قتله ويقولون إنه ليس الذي تخافه بل هو ساحر، ولو قتلته ظن أنك عجزت عن معارضته بالحجة وتعلله بذلك مع كونه سفاكاً في أهون شيء دليل على أنه تيقن أنه نبي فخاف من قتله، أو ظن أنه لو حاوله لم يتيسر له ويؤيده قوله. {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} فإنه تجلد وعدم مبالاة بدعائه. {إِنّي أَخَافُ} إن لم أقتله. {أَن يُبَدّلَ دِينَكُمْ} أن يغير ما أنتم عليه من عبادته وعبادة الأصنام لقوله تعالى: {وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَ} {أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى الأرض الفساد} ما يفسد دنياكم من التحارب والتهارج إن لم يقدر أن يبطل دينكم بالكلية. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر بالواو على معنى الجمع، وابن كثير وابن عامر والكوفيون غير حفص بفتح الياء والهاء ورفع الفساد.